الوصف
إنَّ الأحاديث القُدسيّة خطابٌ حيّ، منطوق في الأصل منذُ قِيل، ونَصٌّ مكتوب منذ دُوِّن، تَلَقَّاها الناس مشافهةً عن الرسول (ﷺ)، وهي تتضمَّن معانيَ دقيقة تتَّصل بموضوعات الحبّ الإلهيّ والغفران والرِّضوان. وكلام الله تعالى مع عباده، وحواره معهم يختزل فوائد نفسيّة وتربويّة، ولغة نظمٍ رصيفة تحتاج إلى قارئ يفتح آفاقاً جديدة للفَهم والتأويل. , , الهدف الرئيسي من هذا الكتاب هو تحليل لغة الحديث القُدسي وفْق مستويات تحليل الخطاب، النحويّة، والمعجميّة، والدلاليّة، والتداوليّة، والتركيز على السياق الخطابي للحديث القدسي، وهو سياق أرْحب من السياق النصيّ، ويتكامل معه. وقد شمِلتْ مستويات الخطاب في الأحاديث القُدسيّة المخاطَبِين في كلّ زمان ومكان على اختلاف أجناسهم، وأنواعهم، ومستوياتهم المعرفيّة والفكريّة، وشملت القُرَّاء على اختلاف درجات فَهمهم وتفاعلهم مع نصوص الأحاديث القُدسية.
, , ويتميّز الخطاب المقدَّس باستدعاء القارئ للمشاركة الفعليّة في فهمه؛ فهو مُتَلَقٍّ نَشِط، يقوم بعمليات عقلية للتفاعل مع النصّ، وهو مُتَلَقٍّ يتعاقب في كل زمان ومكان. في حركة متواصلة عَبْرَ العصور، لتظلَّ النصوص المقدّسة نصوصاً مفتوحة بفعْل صفتها الخطابيّة، قابلةً لقراءاتٍ مختلفة، ولمعانٍ متوالدة حفظت للحديث القدسيّ مقاصده وقوّة حجاجيّته، وأبقت له قوّته التأثيريّة في نفوس المخاطَبِين.